بسم الله الرحمن الرحيم
تذكرة
الأفكار بين الأغصان و الأشواك
و هل تستحق هذه الحياة التي لا نعرفها فعلا الأفكار التي تعذب عقولنا و تمزقها ؟ غنه سؤال مازال عالقا...
- تشيخوف - بتصرف
تعمد الأديب الروسي الإبقاء علي هيكل السؤال و تعليق الجواب إلي إشعار آخر... مثله في أيام خلت كنت أحيط نفسي بأسئلة إستنزفت طاقة إيجاد أجوبة مقنعة. و لأكون أمينة لم أفلح في مخادعة السؤال لأفوز برد ضبابي و عملت مدة علي تعليق الأفكار المزعجة و المثيرة و لفترة حاولت في كتاباتي الإبتعاد عن الأفكار الطوباوية و الإكتفاء بالتصورات الجادة لأتحسس الحقيقة عبر أفكار طليقة بعيدة عن نزق الخيال و تموجاته و عن مجازافات الإدراك و مسالكه الوعرة و كما جاء علي لسان نيسان هاني إحدي شخصياتي في رواية "العودة إلي فلسطين" : "أطرح جانبا الفكر الذي يتلكأ في السير بين الناس." فالمجاهدة التي بذلتها لإخضاع فكري إلي نمط إيجابي ينقذ المنهجية قبل أن تغوص في سفسطائية الرموز اللغوية الباردة كان كبيرا و إلي حد الآن لا زلت أحدق في شخوصي بعين الريبة فما أعذب الحياة الخالية من تعقيدات " أنا أفكر إذن أنا موجود."...
لماذا يشتكي تشيخوف التمزق و هو الذي أدخل في الرواية أسلوب المكاشفة المتصاعدة فما كان يستنكره : الأفكار التي تتستر علي فضلات النفس الذليلة أكرمكم الله، فما كان يؤرقه الخط الفاصل بين نبوغ الذات و حدود الواقع. إننا نجتاز عتبة الممكن بمعنويات مبتورة فلنا أن نقاوم الإخفاق بالإيمان و بشعور عظيم أن ما فات لم يمت ما لم نحكم عليه بذلك. و ما كان كان و من عزم الأمور أن نبادر إلي فك الأختام عن الفكر القائد ليسوقنا إلي الصيرورة الصحيحة فنتخلي عن الصور البالية لوجود عاجز.
و ليكون العمل الدرع الذي ترتطم به أشلاء الأفكار الهزيلة و لنقيض لكل واحد منا قرين يهوي علي العمل لحظة ما يرفع الظل يديه و تكف الخلايا عن التماس، فنحترف الحضارة كفعل إرادي واع يقينا شر الأفكار المتجبرة و لنطمئن إلي نواميس الحياة المراعية لتميز الأفكار و سخائها و المؤتمنة أبدا علي أشواكها...
بقلم عفاف عنيبة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire