بسم الله الرحمن الرحيم
تذكرة
خيارنا
" لنحرر أنفسنا من وهم الإيديولوجية الواحدة و المنقذة فالعقل و الحرية لا ينفصلان."
برهان غليون
فقرة مأخوذة من كتابه " إغتيال العقل"
تحرير النفس من الأوهام يعد إنتفاضة وعي يعتمدها الإنسان في معركة الحياة الذي هو احد أبطالها. إعادة تفعيل دور العقل مرحلة ضرورية نحو إعادة تشكيل الذات المسلمة. فهل المهمة سهلة ثم ألا يفترض هذا التفعيل تجديدا لواقعنا و مراجعة ما نحن فيه و عليه ؟ هل وقفنا حقا علي نقائصنا ؟ هل أقررنا فعلا بأخطائنا ؟ هل عزمنا مبني علي تصميم واع دائم و ليس ظرفيا ؟ فلا الإرادة و لا ألأفكار تنقصنا لكي نرسم مستقبلا يستجيب لطموحاتنا غير أن تصورنا لحاضرنا إصطدم بعقبات إيديولوجية لم ننجح بعد في تجاوزها، فنحن في الجزائر إنقسمنا إلي تيارات و إلي أحزاب ننظر إلي بعضنا بنظرة الريبة و التشكيك و التخوين و الإلغاء أيضا. إننا لم نتعلم العمل معا و الإشتراك في وضع مشروع مجتمع يجمع بين كل الحساسيات و الرؤي و حتي في أبحاثنا و طروحاتنا ننتصر إلي قناعات إيديولوجية و إلي لغة المصالح الأنانية و إلي نزعات فكرية متنافرة تحول الحوار و النقاش إلي ساحات نزال. قال سرفان شرايبر في مؤلفه "خيار اليهود" أن عليهم بحسم أمرهم بين إنتماءهم إلي الأرض و إنتسابهم للهوية اليهودية و هنا فيه مبالغة و حالة تشابه أيضا، أين هي المبالغة ؟ حينما يصف شرايبر إغتصاب اليهود لأرض غير أرضهم فلسطين و يسمي علاقتهم بهذه الأرض المغتصبة بإنتماءهم إلي أرضهم فهذا محض كذب. فلسطين لم تكن أبدا لليهود و لن تكون إن شاء الله و أين هي حالة التشابه ؟ إنها تكمن فيما يلي : نحن أمام الخيار ذاته و لكنه صدقا. ألم نرتضي خيارات الماضي منذ الإستقلال بذهنية أن لا جديد لنا نقدمه ؟ ألم نتحمس حينا لعامل التجديد دون التفكير في دورنا نحن ماذا عسانا أن نقدم و لم لا نثير مشاكل و قضايا عصرنا بمنظارنا و تفاعلنا نحن بدل الرجوع إلي خبرات الأجانب أو خبرات الأسلاف الكرام ؟
شهدنا و الحمد لله في العقود الأخيرة تباشير يقظة هذا ما سيحفزنا علي خوض غمار تجارب بمعنويات عالية و بروح إيجابية لا تهاب الفشل بقدر ما يهمها الإنتفاع منه عملا بمنطق وليام جيمس: "يعلمك الفشل ما لا يعلمك إياه النجاح." و قد كتبت أخت تونسية من عقود قائلة : " كد اليهود ليحصلوا علي ما نالوه و نحن لم نكرس نوايانا الطيبة إلي واقع ملموس." و كما أكد الأستاذ برهان غليون العقل و الحرية لا ينفصلان و نحن فرطنا في الأول لنتساهل مع الثاني و قد حصرنا وجودنا في مشاكل سبقنا إلي حلها رجال الكهوف ألم ندر ظهورنا للأسئلة الحقيقية متهربين من مسؤولية الحياة التي تختزلها معادلة الفكر و العمل المبدع ؟ و الأمر المحير أننا طوال هذه السنين لم نسأل أنفسنا و لو مرة واحدة بجدية لما قبلنا بالأمر الواقع علي الصعيدين الفكري و المادي ؟ لماذا تخلينا عن مقومات الوجود السيد الحر بمجرد ما رفرفت أعلام الإستقلال ؟ لما لم نرفض بشجاعة سياسة التدجين التي ذهبنا ضحاياها لمدة تناهز الثلاثين سنة ؟ فتعطلت في مكان ما من أنفسنا حاسة النقد و التمحيص ؟ لما و نحن نستقبل ألفية ميلادية جديدة لم ننتق بعد البذور التي تصلح للبذر ؟ أليس في الإختيار إنعتاق و الذي يعني فعليا و في أرض الواقع تقرير المصير و بناء الدولة علي أسس من العدل و الحرية و الفضيلة ؟ و الأهم من ذا و ذا أن نعرف كيف نحرر أنفسنا من إحباطات الماضي لإيجاد مدخل صحيح يمكننا من الإنطلاق نحو الصيرورة السليمة. بقلم عفاف عنيبة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
RépondreSupprimerقال الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي:
الحر يضع عقيدته من وراء عقله... و يطلق عقله من أسر إرادته... و يفكر ليختار الذي يريد... و لا يريد ليفرض على عقله كيف يفكر