مع تقدم السن و التجربة تتغير الكتابة

بسم الله الرحمن الرحيم

مع تقدم السن و التجربة تتغير الكتابة. بين أول تاريخ صدور أول مقالة لي في الصحافة الوطنية و بين متابعتي الأسبوعية لركني نظرات مشرقة في جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائرين مسافة طويلة بطول معايشتي لهموم القلم و أول موضوع نشر كان يدور حول جبران خليل جبران و قد قدم لي خدمة لم أنساها الأستاذ سليم قلالة بنشر مقالتي آنذاك في أسبوعية "الحقيقة"
أحمد الله علي ثباتي في المسيرة و أدعو الله صادقة لأن يثبتني لآخر مشوراي، فحق الله علي أن أشكره علي هذه النعمة و أن ابذل المزيد و المزيد في سبيل نصرة دينه و بعث روح المقاومة و تثبيت مبدأ طلب العلم و النهوض بأمة الإسلام.

vendredi 9 octobre 2009

المدينة

بسم الله الرحمن الرحيم


تذكرة


المدينة


في عيني دائما يا مدينة أيامي البحرية

متدلية من الجبل العظيم بالكاد تثبتين

عمودية تمتدين داخل الأمواج الزرقاء

في مظهر ملكة تحت السماء و فوق الماء

المدينة الأم الناصعة البياض حيث عشت و تذكرت

مدينة ملائكية تشرق علي البحر و تتصدر

رغوته

شوارع خفيفة و مجهدة ذات موسيقي و جنان

حيث الزهور الإستوائية تطوق نخيلها

السامق الريان

نخيل من النور تتأرجح فوق الرؤوس

تهز بريق النسيم

مثنيت أليكسندر

من قصيدة "إلي مدينتي مالقا" بتصرف

لإسبانيا ثلاثة شعراء أفذاذ لوركا، نيرودا و بثنيت أليكسندر الذي أتقن الحديث عن المدينة الذاكرة فلكل واحد منا مسقط رأسه و لكل واحد منا مدينته التي يعيش فيها و المدينة التي يحلم بها. هي المكان المفقود الذي نتهافت عليه في الواقع و لا نعثر له علي أثر فهذا المكان له مواصفات خاصة به لا نجدها في الحكايات و لا في الكتب و لا في الصور المرئية...

فالمدينة الناصعة حيث عاش الشاعر بثنيت و منها إنطلق إحتفظت بوجهها و تألقها في مخيلته و أما المدينة التي نبحث عنها لم نطأها و لم نشهدها بعد و لا نعرف أي الدروب تؤدي إليها ؟

إنها الصور و الأفعال و المشاعر الجميلة البريئة التي تجتمع في مساحة محدودة و التي إن أردنا إعطاءها إسما نقول : المدينة.

فالحياة التي تسكن جدرانها، باحاتها ليست الحياة التي عهدناها في الأبعاد المألوفة، فكل شيء في تلك المدينة ما زال عفويا فطريا نظيفا لم يزحف إليه الزيف و التصنع و النفاق... هذه الآفات التي لا بد منها لم تكن شائعة و لم تستبد بالأهواء. فالناس و مفاهيمهم السطحية أبقوا علي الإطار و أستغنوا عن المضمون مدعين تارة أنه يكفي أن تكون المعيشة مقبولة دون أن تكون بالضرورة جميلة و مريحة. و تارة أخري يزعمون أن لكل شيء ثمن و من يبتغي العيش في المدينة عليه بالتضحية. و في نهاية المطاف و في كل الأحوال نكون قد خسرنا هذه و تلك و حينها نلجأ إلي بقية الحيلة فينا لنخلق أجواء المدينة اللغز. ليتأكد لنا يوما بعد يوم أنها سراب لأن في توقنا إليها لم نتخلص بعد من الإعتقاد الخاطيء الذي يصف لنا أدوات البناء من مواد أساسية كالإسمنت المسلح و الحجارة و الأنابيب و الأعمدة اللولبية و نغفل عن المدينة الحقيقية التي تشيد بالأنامل و أفئدة المحبة و التآخي و حسن الجوار و الإحترام و التسامح و عشق الجمال. لهذا ستظل مدينتنا بعيدة المنال كسحابة وردية بين السماء و الأرض، لا هي في هذه و لا هي في تلك. بقلم عفاف عنيبة



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire