مع تقدم السن و التجربة تتغير الكتابة

بسم الله الرحمن الرحيم

مع تقدم السن و التجربة تتغير الكتابة. بين أول تاريخ صدور أول مقالة لي في الصحافة الوطنية و بين متابعتي الأسبوعية لركني نظرات مشرقة في جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائرين مسافة طويلة بطول معايشتي لهموم القلم و أول موضوع نشر كان يدور حول جبران خليل جبران و قد قدم لي خدمة لم أنساها الأستاذ سليم قلالة بنشر مقالتي آنذاك في أسبوعية "الحقيقة"
أحمد الله علي ثباتي في المسيرة و أدعو الله صادقة لأن يثبتني لآخر مشوراي، فحق الله علي أن أشكره علي هذه النعمة و أن ابذل المزيد و المزيد في سبيل نصرة دينه و بعث روح المقاومة و تثبيت مبدأ طلب العلم و النهوض بأمة الإسلام.

lundi 4 avril 2011

كيف أبدأ حكاية زهرة النرجس ؟



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف أبدأ أحكي لكم حكاية زهرة النرجس ؟

كيف أعيد شريط ذاكرتي إلي الخلف بعقدين و أكثر لأستحضر لحظات عابرة من عمري القصير الطويل، فأقف علي عتبة صورة تتطلع إلي بأناقة زهرة النرجس و لطفها ؟
سأترك للأيام مهمة مساعدتي علي إسترجاع هنيهات من الزمن مضت بسرعة السهم.

كل شيء بدأ في يوم مشمس من أيام ذلك البلد الشقيق، كنت في ساحة مساحة بيع كبيرة و كان عند مدخل تلك المساحة بائع أزهار، يسقي أزهاره و وروده. توقفت عند الواجهة الجميلة و تنبهت لوجود زهر النرجس الأبيض بقلبه النابض الأصفر اللون.
علي الفور شعرت بحاجتي لإقتناء باقة من النرجس، إخترت واحدة و دفعت ثمنها لآخذ الباقة في يدي و أمشي بها نحو ماذا ؟
لم أكن أدري لحظتها أين أنا متوجهة إلا أنني إخترت العودة إلي بيت مضيفتي لأتناول الغذاء و التوجه بعد الظهيرة إلي بيت أستاذتي للغة الإنجليزية، فهمت حينها بأن باقة النرجس إشتريتها لها.
في بيت مضيفتي لم أجدها و زوجها بل بنتها البكر التي لم تلاحظ باقة النرجس في يداي، كانت مستعجلة بإعتبار انه كان يتوجب عليها أخذ أكلها و الإلتحاق بجامعتها.
بعد الظهيرة، رتبت كتابي و كراسي في حقيبتي و أمسكت بالباقة التي وضعتها للإنتظار في مزهرية بها ماء و غادرت البيت.
كان بيت أستاذتي موجود فوق تلة و كان علي صعود تلك التلة بخطوات الشباب الواثقة. طيلة الطريق لفت نظر المارة بأزهار النرجس و حرصي الكبير عليها.
عند وصولي إلي بيتها الفاخر التي كانت تستأجره بمعية السيد الفاضل زوجها، لزمت الوقوف لدقائق، كي ألتقط أنفاسي ثم هممت لفتح الباب الخشبي الصغير لأنزل ثلاث درجات من السلم الحجري، فأتقدم علي البلاط المرمري لأتسمر أمام باب أثري عليه مغلاق أو مزلاج من نحاس، رفعته و تركته يسقط مرة واحدة.
سمعت خطوات في الداخل، ينفتح الباب و تطل أستاذتي بوجهها البشر المبتسم:
-ياه عفاف كم أنت رقيقة، كيف عرفت بأن ازهاري المفضلة هي النرجس؟
لم أجبها و إنما أهديتها الباقة و السعادة تعلو محياي.

كل هذا مدخل لحكاية زهر النرجس التي قررت الإحتفاظ بجل فصولها لنفسي، أحيانا يعجز الراوي عن إستخراج لحظات غالية من ماضي متوهج بألوان قوس قزح.
أحيانا و نحن نروي نشعر بأننا نقتطع أجزاءا عزيزة من حياتنا لنعرضها لفضول القراء الكرام، لهذا سامحوني سأمتنع عن المزيد من الحكي.